"الممتاز".. الأجمل والأمتع والأسرع

نعم إنه الدوري الأقوى والأجمل في العالم، إنه الدوري الإنكليزي الممتاز "بتسميته الحالية منذ 1992"، إنها البطولة الأقوى التي انطلقت للعالم موسم 1889-1890.

قبل الولوج في التعبير عن قيمة الدوري الإنكليزي ونكهته الفواحة بين عبير البطولات الأوروبية المجاورة لا بد من التذكير بعبارة "إن الأفكار الواردة في النص تعبر عن رأي كاتبها"؟.. ولكن للأمانة فإن الأفكار التي سترد إنما تعبر عن رأي الكثيرين ممن يعشقون الكرة المستديرة منذ القِدم ومنذ أن فتحوا أبصارهم وتفتحت بصيرتهم على كرة القدم.

فللكرة الإنكليزية نكهة ولا كل النكهات من حيث الدوري على وجه الخصوص، نكهة المتعة والإثارة التي نادراً ما نجدها في دوريات أخرى.. ربما هي نكهة البهارات التي استقدمها البريطانيون معهم من الهند حين استعمروا هذا البلد البعيد فأصبح للبطولة المحلية طعم ولا أحلى ولا أجمل ورائحتها الزكية انتقلت بين سائر البلدان وأصبح لها جمهور ذواق في العالم قاطبة ولاسيما في عالمنا العربي.

الدوري الإنكليزي منبع القوة رغم أن التاريخ الكروي المحلي خرّج منتخباً "فاشلاً" على مستوى كؤوس العالم فهو لم يفز سوى ببطولة يتيمة عام 1966 على أرضه بإصابة لجيف هيرست ما زالت تثير الجدل حتى اليوم في الشباك الألمانية إلا أن هيرست نفسه عاد وقطع الشك باليقين حين سجل إصابة رابعة جاءت برداً وسلاماً على قلب المدرب السير ألف رامسي لتفوز إنكلترا على ألمانيا 4 – 2 وترفع كأس العالم لمرة يتيمة.. وهي، أي، إنكلترا التي خرّجت للعالم لعبة كرة القدم من جامعة كامبريدج عام 1848 على يد هنري دي وينتون وجون تشارلز ثرينغ ولكن حال المنتخب اليوم يذكر بكلمات أغنية كوكب الشرق السيدة أم كلثوم "افتكرني لحظة حلوة عشنا فيها للهوى".

إنه الدوري الأمتع والأسرع.. إنه الأحلى والأجمل بكل المقاييس نظراً لعوامل عدة أبرزها سمة الإثارة التي تبدأ من الأسبوع الأول ولا تحسم إلا في الأمتار الأخيرة فالكل ينافس على البطولة مع الكل منذ البداية وسرعان ما تخف الأمور تدريجياً ولكن يبقى اسم البطل في عالم الغيب مخفياً، ومفاجأة الموسم، فالأقوى قد يخسر من الأضعف والقوي قد يفوز على الأقوى وهكذا دواليك.

ناهيك عن المعارك الكروية التي تدور أحياناً في أرض موحلة طينية تذكر بأيام المعارك التي كانت تدور في زمن الرومان، فالمصارع ينزل الحلبة ليجد أسداً هصوراً فإما أن ينقض عليه ويقتله وإما أن ينهش الأسد لحمه وعظامه.

هذه المعارك التي تدور رحاها في ليالي أعياد الميلاد ورأس السنة ! فالكل يرتاح إلا الإنكليز يحبون التميز المستمر والمتعة والإثارة بكل ألوانها فمباراة من الدوري الإنكليزي تعدل مشاهدة فيلم "أكشن" في دور صالات السينما من خلف شاشة عملاقة.

ومشاهدة المباراة التي تقام أمسية الإثنين، أي ختام المسك، لها نكهة وطابع مميز فهي "عروس" السهرة وتسلية الحاضرين وهي بالفعل مسك الختام.

ولو تسنى لشعراء العصر الجاهلي وأدباء العصور اللاحقة التغني بالدوري الإنكليزي لكتبت المعلقات ولقيل الكثير من أبيات الشعر التي تصف جمال هذه البطولة. ومن المؤكد أن المتنبي لن يشتري أي عبد والعصا معه بل سيستمتع مثلنا بكرة قدم جميلة سلسلة لينة هينة.

وفي الختام وقبل السلام..

إنه الدوري الأمتع والأجمل، وهذا النص الوارد لا يعبر عن رأي كاتبه بل عن رأي شريحة عاشقة وكبيرة للمتعة والأهداف والدليل الحسي والملموس تبدل أسماء الأبطال في السنوات العشر الأخيرة على خلاف الدوري الإسباني "ليغا" الذي لا نرى فيه ولا نسمع إلا برشلونة وريال مدريد في الغالب (مع استثناءات قليلة مثل أتلتيكو هذا العام).. وميسي ورونالدو.. يعني بالعربي "المشبرح": مكانك راوح، أما في الإنكليزي فالأسماء تتشقلب وتتبدل وتتجدد وهذا هو المطلوب.

وهنا يتوقف قطارنا في هذه المرحلة على أمل أن يكون هناك مراحل مقبلة في مقاطع ومعزوفات كتابية عن الدوري الأمتع في القارة العجوز التي تتجدد بالبطولة الإنكليزية.

والسلام.. ولا ينسين أحد مانشستر يونايتد وأرسنال ووست هام وليفربول وتشلسي وتوتنهام ونيوكاسل وغيرها من الأسماء التي صنعت الفرحة وعصرت القلوب وأدمعت المآقي وأحزنت الأحاسيس وأثلجت الصدور.